في سلسلة “ذاكرة المدينة” ومن خلال حوار مع الأستاذ المربي المتقاعد والباحث المهتم بالتاريخ المحلي سعيد حبيش Said Habichi تتجلى معالم مدينة بوسعادة، تلك الحاضرة المتجذّرة في الذاكرة الوطنية، التي لم تكن مجرّد نقطة عبور أو محطة عابرة، بل مدينة سكنت التاريخ وسكنها التاريخ.
بوسعادة… منارة في عمق الزمن
مدينة بوسعادة، أو “مدينة السعادة”، كما يحب أن يسميها أبناؤها، ضاربة في جذور الحضارة، إذ تعاقبت عليها كل المراحل التاريخية، من العصور القديمة إلى العهد الإسلامي، ومن التوسع العثماني إلى فترات الاحتلال الفرنسي، دون أن تفقد هويتها الروحية والاجتماعية والثقافية.
يقول الأستاذ سعيد حبيش:
> “عمر المدينة البربر والعرب، كما أشار ابن خلدون، وآخر قبيلة استقرت بها كانت قبيلة البدارنة الهلالية، التي تركت بصمتها في النسيج الاجتماعي والثقافي للمنطقة.”
مدينة المشايخ والسادات
عرفت بوسعادة برجالها وعلمائها وأوليائها الصالحين، الذين تركوا أثرًا لا يُمحى في الذاكرة الجمعية. من أبرزهم:
سيدي سليمان بن ربيعة
سيدي ثامر
سيدي دهيم
هؤلاء السادة الصالحون لم يكونوا فقط رموزًا دينية، بل ساهموا في بناء وازدهار المدينة، ومن بين أبرز مساهماتهم، بناء المسجد العتيق المعروف بـ مسجد النخلة، الذي يعتبر نواة مدينة بوسعادة القديمة ومركز إشعاع ديني وثقافي.
الأمير الهاشمي.. حبٌّ وسكنى
من الشهادات التاريخية البارزة، أن الأمير الهاشمي بن الأمير عبد القادر أحب بوسعادة، فاختارها مسكنًا له، عاش فيها سنوات حياته الأخيرة، ومات فيها، ودفن فيها. وقد كانت المدينة محطّ اهتمام أحفاد الأمير عبد القادر، إذ زارها الأمير خالد بن الهاشمي، الذي يُعتبر من روّاد الوطنية الجزائرية والمدافعين عنها في المحافل الدولية، خاصة مؤتمر فرساي 1919 بباريس.
بوسعادة في مسار النضال الوطني
لم تكن بوسعادة فقط مدينة الأولياء والعلماء، بل أيضًا محطة نضالية في طريق التحرر الوطني. الأمير خالد، الذي زارها، هو مؤسس حركة الشباب الجزائري سنة 1919، والرئيس الشرفي لـ حزب نجم شمال إفريقيا عام 1926، وهي حركة كانت بداية بزوغ الوعي السياسي التحرري في الجزائر.
خلاصة
بوسعادة ليست فقط مدينة ذات طابع سياحي وجمالي، بل هي ذاكرة وطنية متكاملة، حاملة لهوية دينية، تاريخية، ثقافية ونضالية. وقد آن الأوان لإعادة إحياء هذا الإرث وتوثيقه، وتثمين شهادات من أمثال الأستاذ سعيد حبيش، حفاظًا على كنز الأجيال القادمة.
بوسعادة انفو

الاعلامي احمد بن قطاف موقع شخصي اخباري واعلامي شامل
