تحية حب وتقدير واحترام للسادة القراء الكرام…
كنت البارحة أقلب هاتفي على غير هدى، أهرب من صخب اللحظة إلى صمت الصور… كأنني أفتّش عن شيء أحسه ولكن لا أعرفه… أو كأنني أطارد ظلّ نفسي في مرايا الماضي. حتى وقعتُ على صورة لم أرها منذ زمن، جمعتني برجل لا يُشبه سواه… رجل اختصر في وقاره وتواضعه حكايات جيل بأكمله.
إنه عمي الحاج المدني بن عبد الرحمن.
كانت بيننا شجرة صغيرة، غرسناها في أحضان مدرسة سيدي ثامر… توقفت أمام الصورة طويلاً. كانت لحظةً اختزلت عشر سنوات (2014 – 2025)، عبرت بي الزمن دون أن أبرح مكاني.
كأن الزمن مرّ لا ليبدّل ملامح الوجوه فقط، بل ليصوغ منها حكمةً صامتة.
في تلك اللحظة، سمعت صوته، بهدوئه وهيبته وطريقته البسيطة العظيمة التي كان يتعامل بها مع كل شيء… حتى مع التراب.
غرسنا الشجيرة معًا، وكان يمسك بالغصن الصغير بحنوّ الأب، وكأنما يودع فيه سر الحياة، ويزرع الأمل في الغد.
لم يكن كثير الكلام، لكنه كان يُجيد لغة الفعل والصمت. عمله يغني عن سؤاله، وإذا نظرت إلى وجهه، رأيت ملامح الزمن النبيل.
لم يكن مجرد رفيق لحظة أو صورة، بل رفيق درب وعمل وكفاح.
سِرنا معًا ومع شباب بوسعادة في درب طويل:
من أجل المركز الجامعي، ثم المدرسة العليا للأساتذة، ثم نيل صفة الولاية المنتدبة.
لم يكن ذلك طموحًا شخصيًا، بل إيمانًا بأن بوسعادة تستحق أكثر.
حسبه من المجد أن يرى ثمار غرسه في حياة الناس، لا في ضجيج الأسماء.
حتى ولو صمتت الألسنة عن ذكره، فإن الأثر لا يغيب.
نعم، تمرّ السنون ويتغير الزمان، لكن ذِكر هذا الرجل المجاهد النبيل لا يغيب عن القلب.
سيدي الحاج المدني، أطال الله عمرك، ومتّعك بالصحة والعافية.
بوركتم… ودمتم سالمين.

الاعلامي احمد بن قطاف موقع شخصي اخباري واعلامي شامل
