الرئيسية 8 شبكة مواقعنا 8 الشبكة الإسلامية 8 مشروع القرار الأميركي بشأن غزة .. انحياز للاحتلال ومحاولة لفرض الوصاية على القطاع

مشروع القرار الأميركي بشأن غزة .. انحياز للاحتلال ومحاولة لفرض الوصاية على القطاع

يتجه مجلس الأمن إلى التصويت على مشروع القرار الأمريكي المعدل بشأن غزة خلال ساعات، والذي يطرح رؤية سياسية وأمنية تعيد هندسة القطاع عبر إدارة انتقالية دولية واسعة التفويض.

ورغم إدخال تعديلات محدودة على مشروع القرار تركز على تثبيت وقف إطلاق النار والإشارة إلى مسار الدولة وتخفيف القيود على الإغاثة؛ إلا أن هذه التعديلات لم تمس جوهر المشروع الذي يعتمد على وصاية متعددة الأطراف تنزع أدوات القوة الفلسطينية وتربط مستقبل غزة بترتيبات أمنية طويلة الأمد.

يقوم المشروع على إنشاء ما يسمى مجلس سلام انتقالي يمتلك شخصية قانونية وصلاحيات تنفيذية واسعة تشمل إدارة الشؤون العامة وتشكيل الحكومات والإشراف على المنظومة القضائية. كما ينشئ قوة دولية موسعة التفويض تتولى الأمن ونزع السلاح.

ويضع المشروع انسحاب الجيش الإسرائيلي في خانة الارتباط بـ”الاستقرار” ما يبقي الاحتلال لاعبًا مركزيًا في إدارة المشهد الأمني.

ويطرح محللون هذه الرؤية بوصفها نسخة جديدة من نموذج الوصاية الدولية التي تفصل المجتمع عن سيادته وتؤجل حق تقرير المصير إلى أجل غير محدد، وانتقالًا فعليًا من الاحتلال المباشر إلى وصاية دولية تتقاطع مع المصالح الإسرائيلية.

ويعني المشروع عمليًا نزع القرار الوطني من يد الشعب الفلسطيني ومؤسساته، وتفكيك الوحدة الجغرافية والسياسية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وتحويل القضية الفلسطينية إلى ملف إداري خاضع لإشراف أمريكي–“إسرائيلي” مشترك.

تدويل غزة

ويرى الكاتب وسام عفيفة أن المسار المقترح يفتح الباب أمام تدويل غزة لسنوات، وإعادة السلطة الفلسطينية وفق شروط خارجية، وترك وعد الدولة بلا جدول زمني أو ضمانات.

ويتساءل: كيف يمكن لمسار دولي أن يخدم مصالح الإنسان الفلسطيني إذا جرى بناؤه على تقييد الإرادة الوطنية ونزع أدوات المقاومة وترك الاحتلال طرفًا فاعلًا في تحديد مستقبل القطاع؟

أما الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا فيرى أن جوهر المشروع يقوم على نزع سلاح غزة تحت مظلة “مهمة إنسانية”، مقابل انسحاب إسرائيلي غير مُلزِم، ما يعني وصاية سياسية وأمنية طويلة الأمد.

ويؤكد أن التعديلات الأمريكية لم تتجاوز الشكل، وأن الفلسفة الأساسية للمشروع تتعامل مع غزة كمجال قابل للإدارة لا كجزء من شعب يمتلك حق تقرير مصيره. ويطرح سؤالًا محوريًا: لماذا تعاد إنتاج نماذج إدارة انتقالية ثبت تاريخيًا أنها تعيق السيادة الوطنية بدل أن تبنيها؟

ويتوسع المحلل السياسي محمد الحيلة في توصيف المخاطر، إذ يرى أن مشروع القرار يؤسس فعليًا لوصاية أمريكية بغطاء دولي عبر “مجلس السلام” الذي ابتكره توني بلير، والذي يشكل نسخة أشد من الانتداب البريطاني، بصلاحيات تتجاوز الإدارة المدنية إلى تشكيل الحكومات والإشراف الكامل على الجهاز القضائي.

ويصف القوة الدولية المقترحة بأنها قوة إنفاذ وتدخل لا قوة حفظ سلام، ومهمتها الأولى نزع سلاح غزة، ما يعني استكمال المهمة العسكرية الإسرائيلية باستخدام قوات عربية وإسلامية.

ويضيف أن الخلاف بين واشنطن وتل أبيب وبعض الدول الغربية يتركز حول مستوى “النزع” فقط، وليس حول مبدأ نزع السلاح نفسه.

وتبرز خطورة إضافية في سياق الدعم العربي للمشروع، إذ دعمته ثماني دول عربية وإسلامية، ولحقت بها السلطة الفلسطينية، ما يسهم في تضييق هامش الاعتراض داخل مجلس الأمن أمام الصين وروسيا.

ويرى محللون أن بكين وموسكو لن تتحملا كلفة إسقاط مشروع يحظى بدعم عربي رسمي، ما يجعل تمريره احتمالًا واقعيًا.

في هذا المشهد، تتجه الأنظار إلى الجزائر التي تمثل المجموعة العربية داخل مجلس الأمن، ويحملها محللون مسؤولية تاريخية لمنع انزلاق غزة إلى ترتيبات دولية تحصر مستقبلها في الأمن ونزع السلاح وتترك ملف الدولة مفتوحًا إلى ما بعد 2027 بلا ضمانات.

ويواجه الموقف الجزائري اختبارًا دقيقًا: هل تنجح الجزائر في الدفاع عن الحق الفلسطيني بوضوح وتقدم رؤية مبدئية تربط أي دور دولي بحق الشعب في تقرير مصيره؟ أم تنزلق العملية السياسية نحو هندسة جديدة للقطاع تعمق الوصاية وتُبقي الاحتلال عنصرًا حاكمًا في المعادلة؟

المركز الفلسطيني للإعلام

عن mohamed

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

جميع الحقوق محفوطة للاعلامي احمد بن قطاف 2009 .. 2025