شهدت العاصمة اليابانية طوكيو، خلال الأسبوع الماضي، فعاليات الدورة الثامنة عشرة لمؤتمر «النبي صلى الله عليه وسلم»، التي عُقدت في قاعة يايوي بجامعة طوكيو، بحضور ما يقرب من 300 شخصية يابانية من عموم اليابان ورؤساء الجمعيات الإسلامية اليابانية وعدد من أئمة المسلمين اليابانيين، والمهتمين بالشأن الإسلامي في اليابان.
حاضر في هذا المؤتمر كل من د. ياسر قاضي، وهو داعية إسلامي أمريكي من أصل باكستاني معروف في كثير من الأوساط الإسلامية في الولايات المتحدة، وكندا، والمملكة المتحدة وأستراليا، وكذلك الشيخ سعيد ساتو، مدير مركز الدعوة الثقافي الإسلامي في مسجد شيزوكا، نائب رئيس الجمعية الإسلامية اليابانية.
وكان موضوع المؤتمر هذا العام يركز على السلوك الأمثل للمسلمين المقيمين في اليابان، ودراسة شخصية النبي صلى الله عليه وسلم وحكمته في ظل السياسة الإقصائية التي يواجهها المسلمون في اليابان.
وقد بدأت الندوة بتلاوة القرآن، ثم تلتها جلسة للشيخ سعيد ساتو حيث جاءت ورقته البحثية بعنوان «كيف ينبغي أن يكون المسلم المقيم في اليابان، من منظور نعمة وحكمة النبي.. في مواجهة الحركات الإقصائية الحديثة».
وعرض الحاضرون خلال الندوة الظروف التي يواجهها المجتمع المسلم في اليابان، التي تتمثل في مجملها في التضييق على المسلمين من الأجانب، وتقليل نشاطاتهم الدينية، وهي ظروف جديدة بعض الشيء على مجتمع اتسم طوال تاريخه بالسماحة والود وقبول الآخر، وأكد الجميع أنها بلا شك ظروف مؤقتة ستزول عما قريب إن شاء الله.
وفي كلمته، تناول الشيخ سعيد ساتو أحوال المسلمين في المجتمع الياباني اليوم، واستعرض بعض المستجدات على الساحة، التي من شأنها محاولة التضييق على مسلمي اليابان من المقيمين، وانتقاد سلوكهم وأفعالهم فيما يخص الشعائر الإسلامية، وأوصى عموم المسلمين في اليابان بالتحلي بالحكمة والصبر، واتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم قدوة ومثلاً أعلى، وأخلاقه العظيمة وحكمته نبراساً يضيء الطريق لهم لاجتياز هذه الفترة الصعبة والوصول بالإسلام في اليابان إلى بر الأمان.
وفي الجلسة الثانية، تكلم د. ياسر قاضي، وكانت ورقته بعنوان «التعامل مع تحديات العصر من خلال السيرة النبوية»، استعرض خلالها التحديات التي تواجه المجتمعات المسلمة في الشرق والغرب، وضرورة التعامل معها بحكمة ووعي، وأخذ العبرة والعظة من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في مواجهة مثل هذه التحديات.
وأكد أن الحالة التي يعيشها المجتمع الياباني نتاج لحالات مشابهة لها في الغرب، وأن على مسلمي اليابان الاستفادة من تجارب إخوانهم من المجتمعات المسلمة في الغرب، وهي بلا شك مرحلة مؤقتة قد تزول عما قريب.
وشدد د. قاضي على ضرورة إظهار الجانب الخلقي العظيم للإسلام في التعامل مع غير المسلمين من اليابانيين، والتأكيد على قيم الحق والعدل والأخوة وحُسن الجوار، التي من شأنها إزالة الاحتقان تجاه المسلمين في اليابان.
وفي هذا الصدد، قال د. سيد شرارة، وهو أكاديمي عربي يعيش في اليابان: إن ظهور بعض الدعوات والأصوات التي تحمل توجهاً عدائياً ضد المسلمين بدأت فقط قبل شهور قليلة، وحتى الآن لا يمكن الجزم بدوافعها ومحركاتها، وبشكل عام فإن الموجة الحالية ضد الأجانب، وكذا الدعوات العنصرية ضد اللون أو العرق أو الدين في اليابان، دعوات جديدة على مجتمع اليابان.
وأضاف أن هذه الدعوات تسلط الضوء وتضخم ممارسات فردية لا تمثل ظاهرة عامة، وخاصة إذا كانت من طالبي اللجوء غير المبرر والمخالفين لشروط الإقامة، مستدركاً: ورغم ذلك نرى وجود مساحة بنائية يمكن العمل فيها، ليس فقط للمواجهة، ولكن لتحصين المجتمع ضد هذه الأصوات التي نراها حتى الآن لا تمثل المجتمع الياباني بعمومه.
وختم د. شرارة كلامه موجهاً نصيحة للمسلمين المقيمين في اليابان، قائلاً: إن الرحمة العامة يفعلها المسلم تعبداً لله تعالى وليس فقط إظهاراً لتعاطف إنساني، وكذلك قيم الصدق والأمانة وحسن الجوار، كلها أخلاق يُثاب عليها المسلم وتؤثر إيجاباً في نظر المجتمع الياباني للمسلمين بوجه عام؛ لذا فالأمر عند المسلم أسهل والمحفز له أقوى، وما علينا سوى القيام بواجباتنا نحو أنفسنا وأهلنا والمجتمع الذي نعيش فيه وفق ما أمرنا به ربنا سبحانه وبينه لنا نبينا صلى الله عليه وسلم.
وعلى هامش الندوة، أُقيم معرض للأطعمة الإسلامية الحلال، واستعرض الحاضرون والضيوف أنواع الأطعمة ومذاقها وأشادوا بالكثير منها، كما أقيم معرض آخر للثقافة الإسلامية، من شأنه الترويج للقيم والآداب الإسلامية، والتفاعل بينها وبين قيم المجتمع الياباني.
الاعلامي احمد بن قطاف موقع شخصي اخباري واعلامي شامل
